14 آذار والملـف النـووي الإيرانـي
د.نسيب حطيط
يبدو أن شعارات ثورة الاستقلال لا تعمر أكثر من خمس سنوات ، ، ولذا فإن حاملوها إلى زوال، كما شعاراتهم التي تذوب واحدة تلو الأخرى،فقد خسرت قوى(14 آذار) أحد شعاراتها السياسية ،وفي مقدمتها اتهام المقاومة بالدفاع عن الملف النووي الإيراني (المحاصر والممنوع)والخسارة الجديدة تضاف إلى خسارة شعارات أخرى ومنها:
- اتهام سوريا باغتيال الحريري..
- شهود الزور(الطلقاء) والمحميون سياسيا وأمنيا
- اعتقال الضباط الأربعة ... إطلاق سراحهم وتبرئتهم
- إقالة الرئيس أميل لحود الذي أكمل ولايته
- تغطية عدوان 2006 باتهام المقاومة بالمغامرة... والنقاط السبع
ولم يبق في جعبة(14آذار)من الذخائر سوى(المحكمة الدولية)ذات اليورانيوم القضائي(غير المخصب بالعدالة) وإنما بالاتهامات السياسية لتخريب الساحة اللبنانية وفق (كلمة حق يراد بها باطل)وهي الحقيقة ... من اغتال الرئيس الحريري.
أما بشأن المفاعل النووي الإيراني ...فإن اتهام المقاومة بحماية إيران بدل الدفاع عن لبنان،تدحضه وقائع الحماية الإيران للمقاومة ودعمها لأن الأقوى يحمي الأضعف، ،وأن شعار حماية الملف الإيراني كان يهدف إدخال إيران في لعبة الاتهام السياسي مع سوريا المتهمة بالاغتيال ،حيث يردد العازفون السياسيون الآذاريون سيمفونية ما يكتبه الأسياد في واشنطن وباريس؟!.
لكن السؤال المطروح بعد تشغيل محطة (بوشهر) النووية وإعلانها منشأة نووية رسمية باعتراف وكالة الطاقة الذرية، وبعد التصريحات الأميركية والبريطانية والفرنسية ،بأنها لا تهدد منع إنتشار السلاح النووي،وأنه خاضع للوكالة الذرية،وأنه حق إيراني لاستخدام الطاقة السلمية، لإنتاج الكهرباء ومعالجة مرضى السرطان الذين يبلغ عددهم نصف مليون ايراني والتي تقتلهم اميركا بمنعها تزويد مركز طهران الطبي بالوقود المطلوب، وسقوط التهويل بخطورة النووي الإيراني ، وخسارة بعض الآذاريين المراهنة على ضربة عسكرية لإيران تتدحرج بعدها أحجار الدومينو المتحالفة من سوريا إلى المقاومة في لبنان إلى المقاومة في فلسطين والعراق.
لكن حساب الحقل الآذاري المعتمد على الوعود الأميركية –الإسرائيلية لم يطابق حساب البيدر الإيراني، ولذا فلقد صمت ما تبقى من 14 آذار ولم نسمع لهم تعليقا على وفاة أحد شعاراتهم المضللة للرأي العام .
إن المنطقة تعيش تغييرا استراتيجيا يتناقض مع الخطط الأميركية ، فبدل القضاء على النووي الإيراني وإضعاف محور الممانعة ،فقد سجل هذا المحور امتلاك أول مفاعل للطاقة في الشرق الأوسط ما عدا إسرائيل ،وفي لحظة الإنسحاب الأميركي الظاهري من العراق الذي يعلن فشل الغزو والاحتلال، وإن لم يعني ذلك انعدام التأثير الأميركي ،لكن أن يناشد الرئيس الأميركي اوباما المرجع الشيعي السيد السيستاني لتسريع تشكيل الحكومة ،وأن تجتمع الكتل العراقية وهي تحت الاحتلال الأميركي في دمشق لتشكيل الحكومة ،يعني أن الجار وأهل الدار أعرف وأقدر على إدارة شؤونهم وتحقيق مصالحهم بدل الغرباء المحتلين، وإن حملوا شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان التي ينتهكونها كل يوم في كل بقاع العالم.
وللتذكير فقط ....حرصا على(14آذار)انطلاقا من الأخوة في المواطنية ، لأننا لا نقبل هزيمة أحد في لبنان،أو دفعه للإرتماء في أحضان الخارج ولبعض الحالمين منهم أو ذوي الخبرة الضعيفة، نقول أن أميركا تعيش على المقايضات والتسويات بما يحفظ مصالحها وليس مصالح حلفائها،فكما قبلت تسوية قضية لوكربي مع ليبيا مقابل التعويضات المالية وتفكيك المنشآت النووية الليبية،وكما ساومت إيران لتسليها الشاه( قطب أميركا الأوحد)مقابل الإفراج عن رهائن السفارة المحتجزين ،وكما تسكت عن إعدام الديمقراطية وتجاوزات حقوق الإنسان في الممالك والإمارات مقابل النفط وغيرها من بلدان العالم مقابل المصالح السياسية ،فإنها لن تتوانى عن مقايضة شعارات العدالة والمحاكم الدولية بمصالحها السياسية وتترك الحلفاء ينتظرون على رصيف السيادة والاستقلال...؟!.
نداؤنا لكم أن الإصرار على الخطيئة عناد وإنتحار ...فالعودة إلى العقلانية و الوطنية،سفينة النجاة لكم وللبنان...
بيروت في 23-8-2010